الأمن يحبط « مجزرة » و أعوان نجوا بأعجوبة





باحت العملية الارهابية الجبانة التي جدت يوم الاثنين الفارط ببنزرت بأسرارها، وكشف المحققون بالسرعة القصوى النقاب عن مخطط الدم الذي كان الارهابي مالك الذوادي يستعد لتنفيذه في نفس اليوم مباشرة اثر عملية الطعن التي نفذها في حق رئيس مركز الأمن الوطني بمحكمة الاستئناف الشهيد الرائد فوزي الهويملي، وألقوا

القبض على عناصر أخرى يشتبه بعلاقتها بالمشتبه به، ما يؤكد جاهزية قواتنا الامنية ورد الفعل السريع والمحكم من طرفها لتفادي »مجزرة » بأتم معنى الكلمة. الكثيرون مازالوا غير مصدّقين لما حدث بعاصمة الجلاء صباح يوم الاثنين الفارط.. الغموض مازال يلف الواقعة الارهابية.. لا أحد أدرك حقيقة ما حصل وخطورة ما كان





سيحصل.. ولا أحد علم بالمخطط المرعب الذي قدم الارهابي لتنفيذه في محيط محكمة الاستئناف ومحكمة الناحية ببنزرت.. سيناريو مرعب ما جرى في بنزرت جزء بسيط من مخطط مرعب خطط له مسبقا.. هذا ما كشفته الى حد الآن الابحاث الامنية التي تعهدت بها الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة

والماسة بسلامة التراب الوطني بالإدارة العامة للأمن الوطني بالتنسيق مع ادارة اقليم الأمن الوطني ببنزرت في انتظار تقدم التحقيقات القضائية بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب.. الساعة تشير الى الساعة السابعة و52 دقيقة صباحا.. كان الرائد فوزي الهويملي بصدد مغادرة مقهى متوجها الى مقر عمله بمحكمة الاستئناف.. استوقفه

شاب غريب عن الجهة وألقى عليه التحية فرد عليه التحية وصافحه، فاستدرجه بالحديث لثوان قبل ان يباغته على الساعة السابعة و53 دقيقة بطعنة في القلب اردفها بطعنتين اخريين، ثم فر نحو الطريق الرئيسية الا انه أخطأ المسلك ووجد نفسه في الأزقة قبل ان يتفاجأ بملاحقته. ثلاث دقائق فقط عن عملية الطعن حل اعوان الحماية

المدنية على عين المكان لنقل رئيس مركز الامن الوطني الا انه فارق الحياة متأثرا بالمضاعفات البليغة لنزيف دموي حاد ناجم عن خطورة الطعنات، بالتوازي مع ذلك كان اعوان فريق خاص تابع لشرطة النجدة والفوج الجهوي لوحدات التدخل يلاحقون الارهابي الذي سلك الطريق المؤدية الى المقبرة والجبل. الساعة الثامنة وعشر دقائق مر الارهابي بالقرب من عمارات الجيش، وصادف ان عثر في طريقه على عسكري بالزي النظامي بصدد إلقاء كيس من الفضلات المنزلية فهاجمه ولكن

العسكري راوغه وحاول الفرار فطعنه طعنة سطحية في الجنب وواصل الفرار فيما حل اعوان الحماية ونقلوا المتضرر الى المستشفى حيث احتفظ به في حالة صحية مستقرة. واصل الاعوان مطاردة الارهابي مالك الذوادي وطلبوا منه أن يستسلم ويلقي السكين وحقيبة الظهر، الا انه رفض ثم بمحاصرته والاقتراب منه للايقاع به حاول الاعتداء عليهم وطعنهم في محاولة لقتلهم ما دفعهم الى اطلاق النار عليه واصابته في الكتف ثم السيطرة عليه وايقافه في حدود الساعة الثامنة و25 دقيقة قبل استدعاء

اعوان الحماية المدنية ونقله تحت حراسة مشددة الى المستشفى حيث تلقى الاسعافات ونقل لاحقا الى المقر الامني. انطلقت وحدات منطقة الأمن الوطني ببنزرت بدعم وتعزيز من ادارة اقليم الأمن الوطني ببنزرت في البحث والتقصي وجمع المعلومات حول الارهابي واطراف اخرى قد تكون على علاقة بالعملية، قبل ان تتعزز

مجهوداتها بفريق من الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بالإدارة العامة للأمن الوطني. علاقات مشبوهة لم يجد المحققون في سجلاتهم ما يثير الشبهة حول انتماء منفذ العملية لتنظيم إرهابي، ما عقّد عملية البحث في البداية، ولكن بحنكة ودراية توصلوا الى الكشف عن عدة

حقائق في وقت وجيز، فالمتهم مالك الذوادي وهو شاب أصيل معتمدية بوفيشة من ولاية سوسة غير مصنف لدى المصالح الأمنية كعنصر تكفيري، ولكنه أمضى على محضر التزام قبل سنوات عديدة حول مسألة تتعلق بمظهره الخارجي، ما مكن بمزيد التعمق في التحريات الى كشف علاقاته. بينت المعطيات المتوفرة ان هذا الارهابي يقطن رفقة ثلاثة شبان آخرين – اثنان منهم لم يبلغا العشرين سنة بعد احدهما قاصر(17 سنة) والثالث اصيل منطقة برج الخلصي من معتمدية برج العامري وهو عنصر

تكفيري مصنف لدى المصالح الأمنية- في منزل بمنطقة محاذية لبنزرت المدينة، حيث بدأت على بعضهم علامات التأثر بالفكر المتطرف من خلال متابعتهم لخطب قيادات بتنظيم داعش الارهابي. مخطط فردي تأثر الارهابي مالك الذوادي بالفكر الظلامي للدواعش واقتنع بأن الأمنيين والعسكريين طواغيت وبدأ في تشكيل خلية

ارهابية، ثم فجأة ودون أي تخطيط مسبق أو رصد الهدف ودراسته من مختلف النواحي قرر ارتكاب عملية ارهابية فردية على طريقة »الذئاب المنفردة » بأسلحة بيضاء بعد اقتناعه بفتوى تحرير المبادرة، بهدف تشتيت التركيز الامني وفك الحصار على ارهابيي الجبال.. قام داخل المنزل الذي يقطنه على وجه الكراء بتجهيز أربع

زجاجات حارقة (مولوتوف) اخفاها في حقيبة ظهر سوداء وتسلح بسكين وتحول في الصباح الباكر(يوم الاثنين) الى بنزرت ثم سلك الطريق مترجلا نحو محكمة الاستئناف لعلمه بوجود دوريات أمنية قارة ومتنقلة بهدف استهدافها بالمولوتوف وتنفيذ عمليات طعن مفاجئة واسقاط اكبر عدد ممكن من الاعوان-وفق مخططه-، ولكن

صادف ان مر بالقرب من مقهى بمحيط المحكمة فلمح الرائد فوزي الهويملي فقرر تصفيته لذلك اقترب منه واوهمه بالحديث اليه ثم غدر به وطعنه. كان الارهابي جاهلا بالمسالك المحيطة بمحكمة الاستئناف كجهله بجاهزية الوحدات الامنية وانتشارها الميداني المحكم، لذلك فشل في الوصول الى الجهة الأمامية للمحكمة ومواصلة تنفيذ

مخططه ووجد نفسه مطاردا من قبل الأعوان حتى إصابته برصاصة في الكتف والسيطرة عليه وايقافه وحجز السكين والحقيبة المحتوية على الزجاجات الحارقة ثم ايقاف ثلاثة مشتبه بهم آخرين، وبالتالي كشف بقية المخطط وإحباطه وانقاذ بنزرت من سيناريو أسود.

الصباح نيوز