نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا تحليليلا تحت عنوان En Tunisie, un gouvernement d’« indépendants » pour sortir de la confusion politique ناقشت فيه ما أسمته الولادة المستعصية لحكومة الحبيب الجملي معتبرة أن يوم 2 جانفي شهد ميلاد أكثر حكومة تعقيدا منذ ثورة جانفي 2011 بعد أكثر من الشهر و النصف من المفاوضات الماراطونية…
و اعتبرت اليومية الفرنسية بأن الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف من حزب حركة النهضة الفائز في تشريعيات أكتوبر 2019، قد لاقى صعوبات كبيرة في تشكيل فريقه الحكومي المتكون من 28 وزيرا و 14 كاتب دولة، و هو ما صرح به في الندوة الصحفية التي عقدها يوم الأربعاء بعد لقاء رئيس الجمهورية ممتنعا عن تقديم التشكيلة بعد ان تواترت أخبار عن طلب قيس سعيد المزيد من التشاور حول بعض الاسماء لكن ذلك لم يغير شيئا حيث تسربت القائمة مساء على شبكات التواصل الإجتماعي و هي ذات التشكيلة التي أعلن عنها الجملي ظهر يوم الخميس…
و اعتبرت اليومية الفرنسية أن الحكومة الجديدة تكونت من بعض الشخصيات غير المعروفة سياسيا لدى الرأي العام و من بعض الأسماء التي شغلت مناصب في حكومة الترويكا بين سنوات 2011 و 2014 على غرار وزير الشباب و الرياضة نجم كرة القدم التونسية السابق طارق ذياب و بشير الزعفوري و جمال قمرة ، علاوة على روني الطرابلسي الذي حافظ على خطته في وزارة السياحة كما هو الأمر في حكومة يوسف الشاهد المتخلية و نور الدين السالمي الذي تم تعيينه على رأس وزارة البيئة و الشؤون المحلية بعد أن شغل حقيبة التجهيز في الحكومة المذكورة….
و أعتبر المقال بأن كل الوزارات الاستراتيجية قد منحت لشخصيات من سلك القضاء، سفيان السليطي في الداخلية، عماد الدرويش في الدفاع و الهادي القديري في حقيبة العدل، و لئن كانت هذه الشخصيات غير محسوبة على لون سياسي معين فقد سبق لها و ان اشتغلت في حكومة الترويكا، أما وزارة الخارجية فقد منحت لخالد السهيلي، سفير تونس السابق في الأردن…
و أشارت لوموند إلى ان الأخطاء التواصلية التي وقع فيها رئيس الحكومة المكلّف كانت نتيجة للضغوطات التي تعرض لها من القوى السياسية و المنظمات الوطنية في مشهد برلماني مفتت تقتضي عملية البحث عن الأغلبية فيه إيجاد مقاربة صعبة لتقريب وجهات النظر بين مكوناته…
و خلص المقال بأن الجملي مطالب بإيجاد أغلبية برلمانية (109 نائب) لتزكية فريقه الحكومي و هذه مهمة تبدو نظريا صعبة بإعتبار المشهد البرلماني الفسيفسائي لكن على أرض الواقع هناك عامل أساسي قد يعبّد له الطريق و هو أنه ليس لأي نائب في البرلمان مصلحة في تعطيل مرور الحكومة، حيث أن فشل هذه العملية تعني المرور دستوريا إلى تحكيم رئيس الجمهورية بإختيار الشخصية الأقدر لترؤس الحكومة و إعادة خلط الاوراق و إذا ما فشلت المفاوضات من جديد فسيكون لرئيس الجمهورية صلاحيات حل البرلمان و الدعوة لإجراء إنتخابات تشريعية سابقة لأوانها و هو سيناريو يبدو غير محبذا لجميع النواب من كل ألوان الطيف السياسي البرلماني…